الفرص تقرع الأبواب
الاستثمار المباشر يعطي دفعة لأصحاب الأعمال من النساء وأصحاب الأعمال الصغيرة

• يتيح الاستثمار المباشر إمكانية الحصول على رأس المال الذي تشتد الحاجة إليه من جانب أصحاب الأعمال الصغيرة في البلدان منخفضة الدخل والهشة والمتأثرة بالصراعات.
• أدت الاستثمارات والمساندة والمشورة المقدمة لأصحاب الأعمال الصغيرة إلى خلق فرص عمل وتوسيع نطاق الأعمال في بلدان مثل نيجيريا وإثيوبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
عندما عادت جيزيلا مودومبي فان هوك من المملكة المتحدة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2015، ساورها اعتقاد بأن عودتها إلى قارتها الأصلية تعني أن النساء ذوات البشرة السمراء بإمكانهن الحصول على منتجات التجميل عالية الجودة بشكل أفضل.
"لم أكن أبدًا مخطئة في حياتي أكثر من هذا"، بحسب مودومبي فان هوك، التي كانت رئيسةً لإدارة الشؤون القانونية بإحدى الشركات الكبرى في مجال الطاقة الشمسية.
وبعد بحث مكثف حول صناعة أدوات التجميل في إفريقيا، أدركتْ أن معظم المنتجات تم إنشاؤها من جانب الشركات المصنعة التي لديها القليل من الوعي باحتياجات النساء ذوات البشرة السمراء. وبدأت في شراء منتجات أفضل في أثناء رحلاتها، فأحضرت معها الشعر المستعار ووصلات الشعر لنفسها ولأصدقائها. ومع سرعة نمو الطلب على هذه المنتجات، قامت بتحويل هوايتها إلى عمل تجاري وأطلقت عليه اسم " زوري".
وقالت "لقد أنشأنا صفحة على فيسبوك وفي أقل من عام كان لدينا بالفعل 150 ألف متابع".

الرئيس التنفيذي لشركة زوري ومؤسستها جيزيلا مودومبي فان هوك. بعدسة: شركة زوري.
الرئيس التنفيذي لشركة زوري ومؤسستها جيزيلا مودومبي فان هوك. بعدسة: شركة زوري.
ومع اتصال العملاء للطلب من على بعد أميال، اكتشفت مودومبي فان هوك بسرعة أنها بحاجة إلى المزيد من رأس المال لمواكبة هذا الطلب. ولجأت إلى أحد البنوك المحلية، لكن التمويل المقترح كان أصغر من أن يدعم التوسع في نشاطها التجاري.
وعن صعوبات التمويل المعتادة التي تواجهها العديد من الشركات المماثلة في الحجم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، قالت مودومبي فان هوك "على مقياس من 1 إلى 10، من المحتمل أن تصل هذه الصعوبات إلى رقم 20 ... إنك تريد بدء نشاطك التجاري، ولكن لسوء الحظ أن البنوك ليست الاختيار الأفضل لتحمل هذا النوع من المخاطر إذا لم تكن لديك ضمانات".
ولحسن حظها، تمكنت مودومبي فان هوك من التواصل مع إكس إس إل إم، وهي شركة تعمل في إدارة صناديق الاستثمار التي تستثمر في منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة في شرق ووسط أفريقيا. وقامت الشركة بتقديم التمويل ودعم خلق القيمة، بما في ذلك فرص إقامة العلاقات والروابط والمشورة الفنية، لمساعدة "زوري" على التعامل مع طلبات العملاء وتحقيق النمو.
وأضافت، "لقد تجاوزنا حتى الأهداف التي قدمناها لهم بسبب تحليهم بالصبر نحونا".
الحلقة الوسطى المفقودة
تُعد منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة مثل "زوري"، التي يُطلق عليها غالبًا "الحلقة الوسطى المفقودة"، بالغةَ الأهمية للتنمية الاقتصادية، واستدامة الأسواق، وتهيئة فرص العمل. لكن في الأسواق الصاعدة، تواجه هذه الشركات صعوبات في الحصول على رأس المال الذي تحتاج إليه لتوسيع نطاق أعمالها: فإلى جانب المشروعات متناهية الصغر، تواجه منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية فجوة تمويلية هائلة قيمتها 5.2 تريليون دولار. أما أصحاب الأعمال مثل مودومبي فان هوك فيواجهون المزيد من العقبات في البلدان منخفضة الدخل والبلدان التي تعاني أوضاع الهشاشة والمتأثرة بالصراعات.
يقول وليام سونبورن، المدير العالمي للتكنولوجيا الإحلالية والصناعات الإبداعية وصناديق الاستثمار بمؤسسة التمويل الدولية، "إذا استطعنا حقًا تحسين منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة بحيث تصبح أكثر قدرة على المنافسة وأكثر إنتاجية ويمكنها النمو بوتيرة أسرع، فإنها ستزيد من عدد موظفيها ... وهذا الأمر يسمح لهذه الشركات بأن تكون أكثر قدرة على المنافسة مع الشركات التي تتخذ من البلدان متوسطة الدخل مقرًا لها".
في عام 2010، أطلقت مؤسسة التمويل الدولية برنامج مشروعات منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة من أجل سد الفجوة التمويلية التي تعانيها منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة في البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات والبلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية، وهي صندوق البنك الدولي المعني بمساعدة البلدان الأشد فقرًا حول العالم. ويستثمر البرنامج في صناديق الاستثمار المباشر التي تركز على منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة وتعمل في تلك الأسواق. كما يساعد مديري صناديق الاستثمار على تحسين عملياتهم لضمان استثمار رأس المال المخاطر في منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة بطريقة سريعة الاستجابة وفعالة. ويعمل البرنامج أيضًا مع البنك الدولي وأصحاب المصلحة الآخرين لبناء منظومات الاستثمار المباشر وتدعيمها في الأسواق غير المتطورة.
ومنذ ذلك الحين، ارتبط برنامج مشروعات منشآت الأعمال الصغيرة التابع لمؤسسة التمويل الدولية وبرنامج التمويل المختلط التابع لنافذة القطاع الخاص بالمؤسسة الدولية للتنمية بتقديم 273 مليون دولار لمساندة منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة عن طريق الاستثمار في صناديق توجد في أكثر من 40 بلدًا. ويركز البرنامج على صناديق الاستثمار المباشر المخصصة لمنشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة المحلية الآخذة في النمو، والتي تُعرفها مؤسسة التمويل الدولية بأنها الشركات التي تبلغ إيراداتها السنوية 15 مليون دولار أو أقل، ويبلغ عدد موظفيها 300 موظف أو أقل، أو التي يبلغ إجمالي محفظة أصولها 15 مليون دولار أو أقل.
ويشمل ذلك أحدث استثمار للبرنامج في صندوق جوليبا الذي سيستثمر في منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء بلدان غرب ووسط أفريقيا الناطقة بالفرنسية، وهي من بين المناطق التي تعاني نقصًا في استثمارات أسهم رأس المال المباشر.
وقالت أماندا كوترمان، رئيسة برنامج مشروعات منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، أن البرنامج يهدف إلى أن يثبت للمستثمرين القادمين في المستقبل، ومن بينهم المستثمرين الساعين إلى إحداث تأثير إيجابي وأيضاً مكاتب الاستثمار العائلي، أن العائد المالي يمكن تحقيقه في أسواق رأس المال الوليدة.
وأضافت، "إن الاستثمار في منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية والبلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات يُعد مكسبًا للمستثمرين والاقتصادات المحلية على حد سواء ... ونظرًا لأن مؤسسة التمويل الدولية غالبًا ما تكون أول المستثمرين في صناديق الاستثمار المباشر في هذه البلدان، فإننا نأمل أن تحفز استثماراتنا مستثمرين آخرين ممن يحرصون على تحقيق عوائد مالية ومؤثرة على حد سواء".
منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة المدعومة بالاستثمار المباشر توفر المزيد من فرص العمل
مع إتاحة إمكانية الحصول على التمويل من الاستثمار المباشر، بدأت بعض منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة في أسواق البلدان منخفضة الدخل والهشة في تحقيق نموٍ كان يعتبر في السابق أمرًا بعيد المنال. وفي حالة شركة "زوري" المدعومة بالاستثمار المباشر، أدت فرص العمل وحقوق الامتياز إلى توفير وظائف أعلى أجرًا للنساء في جميع أنحاء جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقالت مودومبي فان هوك، "منذ أن بدأنا التعاون مع شركة "إكس إس إم إل"، أعتقد أن عدد الموظفين لدينا ارتفع من 30 ليصل إلى 70 موظفًا عما قريب، ونأمل أن يصل هذا العدد إلى 100 موظف بنهاية هذا العام ... كما أن 75% من الموظفين لدينا من النساء".
وفي إثيوبيا، أدى نمو شركة إنتاج السيراميك العائلية "تابور لمنتجات السيراميك" إلى توفير المزيد من فرص العمل على امتداد سلسلة التوريد - من استخراج مواد الإنتاج إلى توزيع المنتجات النهائية.

منتجات من شركة "تابور لمنتجات السيراميك" العائلية ومقرها إثيوبيا. بعدسة: شركة تابور لمنتجات السيراميك
منتجات من شركة "تابور لمنتجات السيراميك" العائلية ومقرها إثيوبيا. بعدسة: شركة تابور لمنتجات السيراميك
وفي نيجيريا، توسعت "آي-فيتنس" لصالات الألعاب الرياضية إلى مدن أخرى - وألهمت قطاعًا جديدًا في تنمية المواهب المحلية وهم المدربون الشخصيون.
وقال يومي جيميبوون، المؤسس المشارك والشريك المنتدب للإدارة بشركة "كاردينالستون لاستشارات رأس المال" التي قامت بدعم "آي-فيتنس" منذ عام 2019، "هؤلاء هم الأشخاص الذين كانوا سينتقلون إلى الخارج ويغادرون البلاد كما يفعل العديد من الشباب اليوم ... لكنهم يكسبون الآن أموالاً جيدة كما أنهم يطعمون أسرهم".

يومي جيميبوون، المؤسس المشارك والشريك المنتدب للإدارة بشركة كاردينالستون لاستشارات رأس المال. بعدسة: كاردينالستون لاستشارات رأس المال.
يومي جيميبوون، المؤسس المشارك والشريك المنتدب للإدارة بشركة كاردينالستون لاستشارات رأس المال. بعدسة: كاردينالستون لاستشارات رأس المال.
بناء الخبرات لدى مديري الصناديق
في ظل التقلبات التي تحدث أحيانًا لأسعار العملات وعدم استقرار الحكومات وصعوبة بيئات التشغيل، كان المستثمرون يترددون كثيرًا في دخول مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأسواق منخفضة الدخل والهشة والمتأثرة بالصراعات.
ومن أجل تغيير هذا الاتجاه، فإن برنامج مشروعات منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة لا يوفر رأس المال فحسب، بل يوفر أيضًا الدعم الفني والتدريب لمديري الصناديق الناشئة. وقد ساعد ذلك على تدعيم منظومات الاستثمار المباشر الوليدة واجتذاب استثمارات محلية في الأسواق غير المتطورة مثل جمهورية قيرغيز.
باستثمار أولي بقيمة 8 ملايين دولار في عام 2018 وفرته مؤسسة التمويل الدولية، تمكنت شركة "هايلاند كابيتال" من الاستثمار في قطاعات تتراوح من تجارة التجزئة إلى الإعلام والصحة. وقال شولبون جوماشوكروف، الشريك المنتدب للإدارة لشركة "هايلاند كابيتال"، "لم يكن العديد من المستثمرين على استعداد لتحمل المخاطرة، لأننا كنا أول صندوق في البلاد وكنا مديرين للصناديق لأول مرة ... وبفضل برنامج مشروعات منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، تمكنا من تدشين عمل الصندوق، حيث كانت المؤسسة أول مستثمر مؤسسي".
وبالنسبة لـ فيمي أوغونجيمي، الشريك بشركة "كاردينالستون لاستشارات رأس المال"، فقد لعب برنامج مشروعات منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة دورًا كبيرًا في اجتياز منحنى التعلم الذي صاحب الانتقال من كون الشركة مستثمرًا رئيسيًا لتصبح شركة للاستثمار المباشر في أسهم رأس المال. وقام البرنامج أيضًا بتوفير التمويل، مما ساعد على اختتام الجولة الأولى لمدير الصندوق. "كانت الدورات التدريبية المختلفة التي قدمتها مؤسسة التمويل الدولية مفيدة للغاية في فهم المجال بشكل أفضل"، بحسب ما أضاف. وهو بهذا يشير إلى المساعدة الفنية المتواصلة التي يقدمها البرنامج إلى شركة "كاردينالستون" وإلى منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة التابعة لها.
ويقول العديد من مديري الصناديق، شأنهم شأن جوماشوكروف وأوغونجيمي، إن برنامج المؤسسة غالبًا ما يكون هو شريان الحياة الوحيد المتاح أمامهم في خضم الأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة. وبحسب بارثوت فان سلينغلاندت، الشريك المنتدب للإدارة لشركة "إكس إس إم إل"، "لقد كانت مؤسسة التمويل الدولية سخيًة للغاية في مساعدتنا على بدء نشاطنا ... وبدون رأس المال الأولي الذي قدمته المؤسسة، لم يكن ليكتب لنا وجود، ولم يكن أي من المستثمرين الآخرين قادرًا على الاستثمار في صناديقنا".
وتنسب مديرتا صناديق الاستثمار بِرهان ديميسي وكاسي كيبيدي الفضلَ إلى البرنامج في تقديم رؤى ثاقبة وفرصٍ لا تقدر بثمن ليس فقط في وطنهما، ولكن في جميع أنحاء القارة.

بِرهان ديميس مديرة صندوق سيفيوس. بعدسة: سيفيوس.
بِرهان ديميس مديرة صندوق سيفيوس. بعدسة: سيفيوس.
وبحسب ديميسي، وهي الشريك المنتدب للإدارة لشركة "سيفيوس جروث كابيتال بارتنرز" التي تتخذ من إثيوبيا مقرًا لها والتي استثمرت في شركة "تابور لمنتجات السيراميك"، "من أهم الأشياء التي أقدرها في مؤسسة التمويل الدولية هو استعدادها للرد على المكالمات الهاتفية أو رسائل البريد الإلكتروني...إنهم يتعمقون في التفاصيل حقًا ويتفاعلون من أجل معرفة أين يمكنهم إضافة قيمة من حيث بناء القدرات وتوسيع الأسواق والامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة".
التخارج من صناديق الاستثمار والمستقبل
بالنسبة لمديري الصناديق مثل جوماشوكوروف، فهو لا يستثمر سعيًا وراء الربح فقط، بل إنه يريد أن يُظهر أن قيرغيزستان تُعتبر استثمارًا جيدًا للآخرين. "إن المستثمرين ليسوا على دراية ببلادنا ولا بمنطقتنا ... ونحن نتحمل المسؤولية عن هذا البلد بأكمله لأن معدل العائد الداخلي الذي سيظهر في غضون عامين سيؤثر على هذه الصناعة بأكملها"، بحسب ما قال.
وكانت النتائج إيجابية حتى الآن، وكما يعبر عن ذلك جوماشوكوروف، "بشكل عام، كنا في عمليات التخارج أسرع بكثير مما توقعنا (في البداية)."
أما بالنسبة لمودومبي فان هوك وشركتها "زوري"، فقد استمرت فوائد الاستثمار المباشر في التضاعف.
وقالت، "لديك فكرة كبيرة ... فكرة غير عادية ... لكنك تعلم أنك بحاجة إلى شخص يؤمن بهذه الفكرة ... هناك شيء واحد يمكنني قوله عن صناديق الاستثمار مثل ’إكس إس إل إم‘ هو أنها تمنح الفرص للنساء ذوات البشرة السمراء، النساء الأفريقيات - الفرص التي لا تُمنح في كثير من الأحيان لأشخاص مثلي". وأضافت، "إن النمو الذي حققته شركة ’زوري‘ بمساعدة ’إكس إس إل إم‘ لهو خير دليل على أن عمل المرأة ذات البشرة السمراء يمكن أن يحقق النجاح، فهي بحاجة فقط إلى منحها فرصة".
نُشر في سبتمبر/أيلول 2023